إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
أسماء الله وصفاته
26644 مشاهدة
ثمرة الإيمان بصفة القدرة لله تعالى


وأما صفة القدرة؛ فيعتقد المسلمون أيضا أن الله على كل شيء قدير، وأنه لا يعجزه شيء، ولا يخرج عن قدرته شيء، قادر على كل شيء، على الموجودات والمعدومات وما أشبهها، ولا شك أيضا أن القدرة صفة كمال، وأن ضدها الذي هو العجز صفة نقص، إذا اتصف بها المخلوق اتصف بصفة تلحقه بالعجزة ونحوهم، الله تعالى موصوف بالقدرة وموصوف بأنه لا يعجزه شيء ولا يخرج عن قدرته شيء.
في القرآن يتكرر قول الله تعالى: وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ويثبت من أسمائه القدير أنه العليم القدير. وكلمة القدير اسم من أسماء الله التي هي من الأسماء الحسنى، ويستدل به على إثبات القدرة، القدرة العامة التي لا يخرج عنها شيء؛ أي لا يعجزه شيء من مخلوقاته، وذلك لأن المخلوقات كلها خاضعة لتصرفه، فهو الذي يتصرف فيها كيف يشاء، فهو الذي يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، هذا من آثار قدرته؛ أعني: أعطى هؤلاء ومنحهم ومن عليهم وتفضل عليهم من آثار قدرته، ومنع آخرين مما أعطاه هؤلاء وذلك من آثار قدرته.
وقد يكون الإنسان يحاول ويبذل الجهد؛ فلا يقدر على ما يريده؛ وذلك لأن الله ما أقدره على ما يريده، والآخر قد تكون استطاعته وإمكانيته أقل ومع ذلك يقدره الله ويمن عليه ويعطيه أكثر من غيره. فذلك بلا شك من آثار قدرته، كما أنه هو الذي يحيي ويميت، يقدر على أن يعمر هذا زمنا طويلا، وأن يقصر عمر هذا. يميت هذا في زمن قصير وفي عمر قصير، ويمد في عمر الآخر، كذلك أيضا يعز من يشاء، ويذل من يشاء؛ أي: إن هذا يمكنه ويعزه ويرفعه ويرفع إمكانياته، والآخر يذله ويهينه ويحقر من شأنه ويقلل من إمكانياته، وكل ذلك من آثار القدرة، وأن الله تعالى قادر على كل شيء.
وكذلك أيضا من آثاره التقدير، ومن آثاره الخلق، قال تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ومعنى ذلك: أنه هو الموجد لكل شيء بقدرته، الخالق للصغير والكبير، والبهيم والناطق. الخالق للجميع، جميع الدواب وجميع الحشرات وجدت بقدرته وبمشيئته وبتمكينه، تمكينه للعباد وتمكينه لهؤلاء الذين منحهم هذه القدرة.
الإيمان بأن الله على كل شيء قدير يكسب العبد فائدة وهي استحضار قدرة الله عليه. إذا آمن بأن الله قادر عليه فإنه يهابه ويراقبه، يعلم بأنه أينما كان فهو تحت سلطان الله تعالى وتحت تصرفه وتحت تقديره، وأن الله تعالى بيده ملكوت كل شيء، وأنه الذي يعطي ويمنع، ويصل ويقطع، ويخفض ويرفع، ويعز ويذل، وأنه لا يعجزه شيء مهما تحصن الإنسان مما يتحصن به. إذا حدثته نفسه أن يهم بمعصية أو يعمل ذنبا فيقول أو تقول له نفسه: إنك سوف تنجو، يرجع إلى نفسه ويقول: أليس الله تعالى قادرا على أن ينتقم مني وينتقم من العصاة ونحوهم؟! بلى. إنه قادر على أن ينتقم من هؤلاء، وأن يبطش بهؤلاء، وأن يعذب هؤلاء، كما أنه عذب الكافرين، وانتقم من العصاة ونحوهم، فهو قادر على أن يعذبني إذا عصيته؛ فتكون هذه فائدة عظيمة. من آمن بواسع قدرة الله تعالى فإنه -بلا شك- يخاف الله، ويحذر سطوته ويحذر بطشه، إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ بطشه يعني: أخذه، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته وقرأ قول الله تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ يعني: أنه شديد العقاب.
فيكتسب المؤمن الذي يعتقد كمال قدرة الله تعالى أن يراقب الله، وأن يخافه وأن يحذر من بطشه، وأن يعلم أنه قادر عليه. قادر علينا ولو تحصنا بأية حصون، ولو احترسنا بأية حرس ولو تحفظنا بما نتحفظ به من أبنية ومن حراس ومن قوة ومن أسلحة وغير ذلك؛ فإنها كلها لا تحول دون قدرة الله، ودون بطشه ودون أخذه لمن ظلم، يقدر الله أن ينتقم منه، فإنه عزيز ذو انتقام، هذه آثار قدرة الله تعالى.